التدوين الإلكتروني
بقلم
حسين أحمد سليم آل الحاج يونس
خطا التدوين الإلكتروني خطوات متقدمة, واكبت تطورات التقنية الرقمية الحديثة, وغدت الحواسيب آلات عصرية لازمة للمستخدمين, مع إنتشار البرمجيات المختلفة والمتنوعة والتي تغطي كافة المستلزمات, وتوفر على المستخدمين الكثير من العناء, عدا عن اختزال الوقت وتنفيذ التطبيقات بالسرعة المطلوبة...
وبرزت ثورة تقنية أخرى مع نهاية القرن السالف, قلبت الموازين التقليدية في الشبكة المعلوماتية, وساهمت بشكل أساسي وبارز في عولمة المعرفة, وكان للشبكة العنكبوتية الدور الفاعل بقوة كبرى في إيصال المدخلات إلى كافة زوار ورواد الأنترنت, عبر المواقع والمنتديات والمدونات وغيرها...
البرمجيات بشكل عام لعبت الدور الأهم بالتزامن مع وجود الحواسيب الرقمية, ومنحت المستخدمين تسهيلات على جانب من الأهمية, بحيث أضفت على المدخلات تطورا بارزا وتحديثا مهما من جوانب عديدة, أقلها التقنية الديناميكية التي خلقت نوعا جديدا من المحاكاة بين أفكار المستخدمين وتطلعاتهم الخيالية, وترجمتها فنيا من خلال التطبيقات والبرمجيات المتخصصة, تجسيدا لرؤى تخاطرية بين الواقع والمرتجى...
التدوين الإلكتروني كان في قلب هذه الحركة التقنية المتطورة, إذا لم يكن المحور الأساس في توالد هذه القفزة الثورية العصرية, بحيث وضعت البرمجيات المتعددة والمتخصصة في عملية التنضيد الحروفي, والتي انتقلت على مراحل متعددة وحقب زمنية متتالية, من التدوين الغباري على التراب والرمال الى التدوين بوسائل بدائية مرورا بصناعة واختراع آلات متعددة وفق زمانها التي وجدت فيه... وصولا إلى الآلة الكاتبة اليدوية فالكهربائية, وانتهاء في هذا الزمن ببرمجيات الحواسيب الحديثة والمتطورة...
عملية المفاضلة بين المكونات الحاسوبية وملحقاتها وأشكالها وأحجامها وماركاتها وصناعاتها, تبقى للحركة التجارية والتسويقية, ولها أربابها بدءا بالمؤسسات الصناعية فالشركات الإعلانية فالمؤسسات التجارية وصولا للمستخدمين وقدراتهم المالية على الإبتياع والشراء وفق مواصفات تقنية معينة وملحقات محددة تتوافق والأهداف المرسومة عند المستخدمين...
البرمجيات الرقمية للحواسيب مثلها كمثل المكونات الحاسوبية, كم هائل يقيم خلفه جهات دولية ومؤسسات وشركات وأفراد متخصصون, يغرقون الأسواق في كافة أقطار العالم بما هب ودب من أصناف وأنواع أكثر مما يتصور البعض... وبرمجيات التدوين الإلكتروني مجموعات من هذا الكم الهائل, منها المبسط ومنها المعقد ومنها الموجه للمبتدئين ومنها الموجه للمحترفين, ومنها الموجه للمؤسسات والشركات , ومنها الخاص بالنشر المكتبي ومنها الخاص بالنشر الصحفي, ومنها الخاص بالنشر الرقمي الإلكتروني على الشبكة العنكبوتية, وهكذا...
التقنية الحديثة هذه بكافة منظومتها من المكونات والبرمجيات, خلقت عالما آخر من التواصل بين سكان الأرض قاطبة, من خلال الشبكة العنكبوتية, التي أصبحت ساحة عالمية للإعلام المدروس والموجه, وللإعلانات التسويقية , وغدت الوسيلة العصرية الأسرع لتبادل المعلومات والمعارف والأفكار والخبرات والتجارب والتطبيقات... وجعلت من التدوين الإلكتروني أمرا سهلا, وفي متناول العديد من الشرائح البشرية المختلفة والمنتشرة في كافة أقطار العالم, مما ساعد على إشاعة استخدام التدوين الإلكتروني بشكل واسع جدا... وأبسط عمليات التدوين الرقمييتمثل في نشر مقالة أو خاطرة أو عبارة معينة, باستخدام خدمات التدوين الإلكتروني المنتشرة والمتوفرة بشكل مكثف, والمدمجة في الحواسيب المستخدمة إضافة لبرمجيات أنظمة التشغيل والحماية والاتصالات والبريد الرقمي والأنترنت...
المواقع الإلكترونية على الشبكة العنكبوتية كثيرة, وتعطي المستخدمين تسهيلات محدودة الى حد ما وتسمح لهم بإنشاء مدوناتهم الإلكترونية الخاصة مجانا على خوادم الويب الخاصة بتلك المواقع, وكل ما على المستخدمين فعله هو إنشاء حساب خاص بهم باستخدام خدمة التدوين الإلكتروني الخاصة بالموقع ويمكنهم بعدها البدء بعملية التدوين والنشر مباشرة وبسهولة تامة... وهكذا الحال بالنسبة للمنتديات المنتشرة على الشبكة العنكبوتية, وهي ساحات للحوار وتبادل الخبرات في نطاق معين أدبي أو علمي أو تقني أو فني أو إجتماعي... وتتلخص بعملية التسجيل بواسطة استمارة طلب اشتراك بعد الموافقة على شروط المنتدى, وبعد تفعيل عملية الإنتساب يسمح للمستخدمين البدء باستكمال المعلومات لملفاتهم وتحديد خيارات التواصل بينهم والمستخدمين الآخرين, وينتقلون مباشرة الى عملية التدوين الإلكتروني ونشر مدخلاتهم والمشاركة في تعليقاتهم وردودهم وانتقادتهم والخوض في غمار حركة التفاعل مع المستخدمين الآخرين بتبادل الأفكار والزيارات والتعليقات...
تتميز خدمات التدوين الإلكتروني بإمكانية استخدامها من أي مكان بحيث يمكن للمستخدم الوصول الى الشبكة العنكبوتية " الأنترنت" ... وبعض المواقع تمنح المستخدمين إمكانية التدوين عن طريق الهاتف الجوال أي المحمول الخلوي.
خدمة التدوين الإلكتروني في المواقع والمنتديات والمدونات وغيرها تحمل في طياتها جانبا سلبيا مزعجا ربما يقف حائلا عند البعض من المستخدمين ويمنعهم من الإبحار كثيرا في هذا الغمار وعدم نشر كتاباتهم في المنتديات والمدونات والمواقع وغيرها, السبب يعود الى عدم امتلاك القيود على الحواسيب الخاصة بالمستخدمين, إلا إذا قاموا بعملية نسخ تدويناتهم بشكل منفصل وحفظها في ملفات خاصة على حواسيبهم.... ففي حالة كانت قيود المستخدمين فقط على الخوادم الخاصة والمزودة بخدمات التدوين وتم فقدانها لسبب أو لآخر , فإن المستخدمين سيفقدون قيودهم إلى الأبد, لأنهم لا يمتلكون نسخة احتياطية منها على حواسيبهم الشخصية. وهذا ما يحدث في بعض الأحيان مع بعض المواقع أو المنتديات التي تتوقف فجأة وبدون سابق إنذار لأسباب تبقى مجهولة تضيع معها كل التدوينات أو تفتقد , بحيث يرتهن المستخدمون للطواريء التي لا يتكهن بحدوثها أحد...
البرامج المخصصة للتدوين الإلكتروني هي برامج تكون في الغالب مثبة على أجهزة الحواسيب للمستخدمين, فبرامج يتم تشغيلها مباشرة من سطح المكتب حيث يقوم المستخدم بإنشاء تدويناته ومدونته كاملة على حاسوبه الشخصي , ومن ثم يقوم بعملية نسخها أو نسخ ما يلزم منها وفق التحديثات المستجدة, على خادم الويب الخاص به. ولهذه الخاصية ميزة تجعل المستخدم يتحكم بمدونته الإلكترونية بشكل كامل وبإمكانه إرسالها أينما يختار أو يريد... وهناك برامج للتدوين الإلكتروني تكون مثبتة على حواسيب المستخمين ولكنها تتطلب تسجيل الدخول في خدمات التدوين الإلكتروني... ومثل هذه البرامج تمنح المستخدمين خيارات التحكم في مدوناتهم الإلكترونية أكثر من تلك االتي يحصل عليها المستخدمون عند تعاملهم مع خدمات التدوين الإلكتروني الموجودة على المواقع الإلكترونية, كما تجعل هذه البرامج التدوين الجماعي أسهل من استخدام البرامج التي تنشيء المدونات الإلكترونية على حواسيب المستخدمين قبل نسخها الى خوادم الويب... وهناك خيارت كثيرة في هذا الموضوع, منها كتابة ونشر المدونة الإلكترونية عن طريق نفس البرنامج المستخدم لإنشاء ونشر المواقع الإلكترونية وربما هو الأسرع وليس بالضرورة أن يكون الأفضل والأضمن... وعلى المستخدمين لمسألة التدوين الإلكتروني باللغة العربية التأكد من دعم التدوين أو البرامج المستخدمة للغة العربية وإن كانت الشبكة العنكبوتية تزخر بالكثير من المواقع والمنتديات التي تعتمد أصلا اللغة العربية في التدوين الإلكتروني...
وختاما , يعتبر التدوين الإلكتروني في المنتديات والمدونات والمواقع والصحف الرقمية وغيرها طريقة سهلة لمشاركة الكتابات والأفكار والخواطر والتدوينات المختلفة مع العالم الخارجي ومع الآخرين من مستخدمين ومدونين وزوار ورواد وغيرهم... فالتدوين الإلكتروني حقا ثورة للتواصل من نوع آخر, فماذا تخبيء لنا الثورة الرقمية للغد؟؟؟!!!...