المدونات الإلكترونية
بقلم
حسين أحمد سليم آل الحاج يونس
ظاهرة التدوين الإلكتروني أو الرقمي أو... , أصبحت في هذا العصر واحدة من أسرع الإتجاهات الثقافية والمعرفية والمعلوماتية, إضطرادا وتطورا ونموا في الشبكة العنكبوتية " الأنترنت "... وغدت في مجملها مكتبة ذات عولمة عربية عصرية, تصلح لتكون مرجعا مهما ومصدرا واسعا, للباحثين عن المعرفة والمعلومات الثقافية العامة, أو المحددة باختصاص معين, أو الناحية باتجاه محدد...
المدونة الرقمية أو الإلكترونية, هي صحيفة مصغرة, يحررها مدون واحد أو أكثر, على شبكة الويب, وتتألف من منشورات منوعة أو محددة باختصاص معين, وتحتوي على مقالات أو أبحاث أو خواطر, نسميها مدخلات دورية, وتكون في معظم الأحيان مرتبة زمنيا بشكل معكوس, أي المدخلة الحديثة تأتي في رأس صفحة المدونة, تليها باقي المدونات حسب الأقدمية التاريخية...
المدونة هي اصطلاح عربي, اعتمد من قبل المواقع العربية للتدوين, واعتمده المدونون بالتالي قياسا على المواقع... والمدونة هي تعريب لكلمة BLOG الإنكليزية, والتي هي نحت من كلمتي WEB LOG وتعني سجل الشبكة. وهي تطبيق مستحدث ومعتمد من تطبيقات الأنترنت, وتعمل من خلال نظام لإدارة المحتوى. وللمدونة اسم ثابت يتم تحديده منذ البداية, ويصبح كالإسم , منه يتم التعرف اليها بين آلاف المدونات وغيرها...
ما يكتب في المدونة, يعبر عن وجهة نظر المدون شخصيا, وهو الغرض الأساسي للمدون من المدونة, وهو كتابة تدوينات يعرض المدون من خلالها آراءه وخبراته وأفكاره الشخصية والسياسية والاجتماعية والتقنية وغيرها...
تحتوي المدونة كما قلنا سابقا, على التدوينات, وهي مواضيع ومقالات وكتابات منوعة وغيرها, وتعتبر هي العنصر الأساسي والبارز في المدونة... ويقوم بكتابتها صاحب المدونة في غالب الأحيان, أو مجموعة من المدونين , إذا ما كانت جماعية, أو مشتركة, لتظهر المدخلات مرتبة في الصفحة الرئيسية للمدونة...
وتحتوي على قائمة بفهرسة المواضيع المنشورة فيها مرتبة تصاعديا... يستطيع الزائر من اختيار الموضوع الذي يلفت نظره من العنوان ويدخل الى محتواه لقراءته...
وتحتوي المدونة أيضا على قسم ثانوي يسمى " الأرشيف" وهو ملف توثيقي ترتب فيه المواضيع على أساس التصنيف الخاص الذي يحدده المدون, أو على أساس تاريخ الكتابة والنشر, أو كلاهما...
وتحتوي المدونة على روابط معينة, وهي روابط لمدونات أخرى أو مواقع معينة أو منتديات مختارة, يراها المدون على جانب من الأهمية بالنسبة له, يطلع على محتوياتها بسرعة ساعة يشاء, بغية الاستفادة من مدخلاتها, وغالبا ما تكون هذه الروابط متصلة من حيث المحتوى بمدونته, وربما هي مدونات صديقة في الغالب...
وتحتوي المدونة على صفحات لها خصوصية معينة, يصنعها المدون وفق رغبته الخاصة, وقد تكون صفحة خاصة بالسيرة الذاتية أو تعريف بالمدونة, أو ما يختص بالاتصالات للمدون, أو نشاطات فكرية أخرى...
وتحتوي المدونة حسب رؤية المدون, على أيقونات منوعة, وهي روابط رقمية مصورة, جامدة أو متحركة, أحادية أو مكررة, وقد تكون فلاشية مبسطة أو معقدة, يمكن لزوار المدونة النقل منها الى مدوناتهم ومنتدياتهم ومواقعهم...
وتحتوي المدونة كذلك على لوحة للتحكم, وهي تسهيلات خاصة بالمدون فقط, يكتب من خلالها التدوينات المختلفة, ويستطيع التعديل وفق ما يشاء , بحيث يتمكن من زيادة ما يريد في المدونة من مكملات معينة, مثل: عداد للزوار يبين العدد الذي زار المدونة, دفتر للزوار لتوقيع ملاحظاتهم وآرائهم الخاصة حول المدونة ومحتوياتها, روزنامة شهرية أو رقمية, ساعة للتوقيت المحلي والعالمي, روابط إذاعية وتلفزيونية وإخبارية...
كل منا يفكر بالحصول على مدونة خاصة ومميزة, تحتوي على مدخلات شيقة وجاذبة للزوار, وكل منا يفكر بعمق ماذا يريد أن يضع في المدونة, وهناك الآلاف من المدونات التي سبقته, ويتحدث فيها المدونون عن قضايا مكررة, بكتابات متشابهة إن لم تكن متطابقة... ناهيك عن وجود الآلاف من المنتديات كذلك , والتي ينشر فيها المدونون ما هب ودب من الكتابات... في الحقيقة عندما يكتب المدون في موضوع معين, حتى وإن سبقه للكتابة فيه مدون آخر, فإنه يكتب من وحي تجربته الخاصة, ومن خلال خبرته التي اكتسبها مع الوقت, أو يكتب مستوحيا من خياله المحض, أو من فكره السياسي أو الاجتماعي... والمحصلة النهائية فكل تدوينةجديدة تحمل طابع شخصي من مؤلفها, لذا هناك صعوبة من تكرارها عند مدون آخر, حتى وإن تقاربت الأفكار, تختلف الصياغة ويختلف الأسلوب, وطريقة المعالجة...
المدونة هي عالم المدون الشخصي, يضع فيها كل ما يريد دون وجود شائبة ما, أو تدخل من أحد ما, يعكر عليه ما ذهب بعيدا في تدوينه, وللمدون الصلاحية المطلقة بالتحكم في مدونته, وله الحرية الكاملة بالتصرف داخلها وفق ما يحلو له, وله القرار بفتح باب التعليقات والمداخلات إذا رأى ذلك مفيدا له, وإلا لا تعليقات للآخرين... وعليه فالمدونة هي رؤية العالم من منظور شخصي, أو من وجهة نظر خاصة وواحدة, أي أن المدونة هي عالم خاص بالمدون دون سواه...
كما أن المدون في المدونة له عالمه الخاص, كذلك للزائر القاريء عالمه الخاص, فهو يختار المدونة التي يرتاح لها, والتي يطمئن لمحتوياتها, ويستفيد من خلاصة مدخلاتها, وهو بالتالي يختار المدون الذي يكتب وفق ما يتلاءم وتوجهاته الفكرية, دون الشعور بالحرج أو الإزعاج...